ديني حياتي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اسلامي


2 مشترك

    ولاتقل لهما اف,,,,

    avatar
    المشتاقه الى الجنان


    عدد المساهمات : 18
    تاريخ التسجيل : 24/09/2010

    ولاتقل لهما اف,,,, Empty ولاتقل لهما اف,,,,

    مُساهمة من طرف المشتاقه الى الجنان السبت سبتمبر 25, 2010 12:56 pm

    الحمد لله القائل: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً:(23)وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الاسراء:23/24).



    والصلاة والسلام على رسول الله الذي بعثه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة، وأدي الأمانة، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، وصلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.





    أما بعد.. عباد الله:



    إن من أعظم المعاصي التي عصي الله بها في الأرض سبحانه وتعالي، قطيعة الرحم وعقوق الوالدين، ولذلك توعد الله بالعذاب الأليم العاق والقاطع.



    وهي جريمة شنيعة تقشعر لها الأبدان ويندي لها الجبين، أنكرها حتى الجاهليون واليهود والنصارى في شرائعهم.



    ولذلك يقشعر جلد المؤمن يوم يري الابن كلما كبرت وشب وقوي تغمط حق والديه يوم أذهبا العمر والشباب وزهرة الحياة في تربية.. فقد سهرا لينام، وجاعا ليشبع، وتعبا ليرتاح، ولما كبرا وضعفا ودنيا من القبر، واصبحا قاب قوسين أو أدني من الموت، أنكر حقهما وجعلهما في مكان من الذلة لا يعلمه إلا الله.



    ولذلك قرن الله حقه بحقهما وجعل من لوازم العبودية بر الوالدين وصلة الرحم، يقو جل ذكره: )وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)(الاسراء: الآية23) فقد قضاه وأمره وأوجبه سبحانه وتعالي بأن لا يعبد إلا هو.



    ومع عبادته سبحانه وتعالي يقوم بر الوالدين وصلة الأب والأم وصلة الرحم.



    وأنظر لهذه الصورة العجيبة للأب وهو محدب الظهر، قليل الصبر، قد شاب رأسه ولحيته.



    وصورة الأم وهي شمطاء الرأس ، فقد دنت من القبر، وأصبحت تتلهف علي شبابها وصباها الذي أنفقته في تربية هذا الابن ، فلما ترعرع وقوي ظهره واشتد ساعده كان نكالاً وغضباً ونكداً علي والديه.



    ( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ)(الاسراء: الآية23)، حتى كلمة أف على صغرها عند الناس لا تقال للوالدين.



    فقل لي بالله أيهما أعظم، حق كلمة أف أم الذين جحدوا حق الوالدين وعقوهما وجعلوا جزاءهما السب والشتم والغلظة والنكال والقطيعة؟



    حتى أنه وجد في المجتمع من يعيش في الفلل والشقق البهية، ويركب المراكب الواطية ويأكل الموائد الشهية، ووالده في فقر وفي حاجة ملحة وفي ضنك لا يعلمه إلا الله.



    أي قلوب هذه القلوب؟



    وأي أرواح هذه الأرواح؟



    وقد بكت العرب في جاهليتها وإسلامها العقوق، وتوجعت واشتكت إلى بارئها منه.



    في الأدب والسير ، أن أعرابياً وفد على الخليفة وهو يبكي.



    قال الخليفة: ما لك؟



    قال : اصبت بأعظم من مصيبة المال.



    قال: ما قصدك؟



    قال: ربيت ولدي، سهرت ونام،واشبعته وجعت، وتعبت وارتاح، فلما كبر وأصابني الدهر واحدودب ظهري من الأيام والليالي تغمط حقي، ثم بكى وقال:



    وربيته حتى تركته أخا القوم



    واستنغنى عن الطر شاربه



    تغمط حقي ظالماً ولوى يدي



    لوى الله يده الذي هو غالبه

    قيل : فلويت يد الابن وأصبحت وراء ظهره.



    وفي السير وبعض التفاسير كالكشاف بأسانيد فيها نظر، أن رجلاً وفد على الرسول صلي الله عليه وسلم يشتكي قال: (( ما لك ؟)).



    قال: مظلوم يا رسول الله من ابني.



    قال (( أي ظلم؟)).



    قال: ربيته، فلما كبر وضعف بصري، وضعف عظمي، ودنا أجلي، تغمط حقي فقابلني بالغلظة والجفاء.



    قال صلي الله عليه وسلم : (( هل قلت فيه شيئاً؟)).



    قال: نعم، قلت فيه:



    غذوتك مولـــوداً وعــلتك يافــعاً



    تعل بما أجري علــــيك وتنهـــل

    إذ ليلة ضافتك بالسقم لم أبـــــت



    لســقمك إلا شاكياً أتمــــلـــمل

    يقول ك ما هذا جزائي، وما هذا رد الجميل، وما هذا حفظ المعروف، حتى الليلة التي تسقم فيها أبقي معك.. أنت السقيم ولكن أخذت السقم عنك، وأنت المريض فأخذت المرض منك.

    وحق للقلوب اللينة، وللعيون الرقراقة بالدموع، أن تدمع لهذه المآسي التي وجدت في بلاد الإسلام، والتي شكت منها قلوب الوالدين.



    فهل أظلم وهل أكبر وأشنع من أري تري ابنك وق أصبح في مصاف الرجال، وقد أعطيته شبابك وزهرة ولذة روحك وشذا نفسك، ثم رد عليك الجميل بالقبيح، فإذا صوته في البيت صائل.. لا ينفذ لك أمراً.. ولا يخفض لك جناحاً؟



    إنها يا عباد الله مأساة ما بعدها مأساة.



    يقول صلي الله عليه وسلم وهو يسأل عن الأعمال الصالحة أيها أزكى وأيها أعظم؟



    قال : ((الصلاة لوقتها))



    قيل : ثم أي ؟



    قال : (( بر الوالدين)).



    قيل: ثم أي؟



    قال: ((الجهاد في سبيل الله)).



    ويسافر صلي الله عليه وسلم بالقلوب ويحدثها عن رجل من بني إسرائيل كان باراَ بوالديه.



    ويا عجباً أن يوجد في اليهود والنصارى من تلين قلوبهم لوالديهم وهم أحفاد القردة والخنازير، وهم أعداء الله ، وهم الذين لعنهم الله من فوق سبه سماوات.



    ويوجد في بلاد المسلمين من قسا قلبه، ومن طمس علي فكره، فلا يلين قلبه أبداً.



    عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (( أنطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار.



    فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعو الله تعالي بصالح أعمالكم.



    قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق (2) قبلهما أهلا ولا مالا ، فنأي بي طلب الشجر يوماً فلم أرح (3) عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلا أو مالا، فلبثت ـ والقدح علي يدي ـ



    أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون (1) عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما.



    اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج منه ..)) الحديث.



    عباد الله، إن العقوق مأساة وجدت في المجتمعات وفي البيوت، وأصبحت من أعظم المشكلات على الأباء والأمهات مشكلة الابن.



    وفي بعض الآثار يود الرجل في آخر الزمان أن يربي جرو كلب ولا يربي ابنا (3).



    نعم .. وجد هذا، ورأينا ورأي غيرنا الآباء الذين أصبحوا في الشيخوخة وهم يتباكون ويتضرعون ويجأرون من هذه الذرية الظالمة.



    فهل من عودة يا شباب الإسلام إلى الله؟



    وهل من بر وجوده مع الآباء والأمهات؟



    يأتي رجل للرسول صلي الله عليه وسلم فيقول: يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحبتي؟



    قال : (( أمك))



    قال: ثم من؟



    قال : (( أمك)).



    قال : ثم من؟



    قال: (( أمك)).



    قال : ثم من؟



    قال: ((أبوك)) (1).



    فالأم لها ثلاثة أرباع الحق، فهي التي حملت وأرضعت وألحقت وأدفأت ، فجزي الله آباءنا وأمهاتنا خير الجزاء، وأسقاهم الله من الحوض المورود ، فلا يظمؤون بعد تلك الشربة أبداً.

    نعم.. إن بر الوالدين قضية كبري، ومن فوائد بر الوالدين:



    ـ أن يهديك سواء السبيل.



    ـ وأن يصلح الله ذريتك.



    ـ وأن يمدك بعون منه .



    ـ وأن يسددك ي أقوالك.



    ومن آثار العقوق: اللعنة من الله )فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (محمد:23،22).



    قال بعض أهل العلم: أصمهم فلا يسمعون ، وأعمى أبصارهم فلا يتدبرون ولا يتفكرون ولا يعقلون.



    قال تعالي: )وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (الرعد:25) .



    وصح عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: (( لا يدخل الجنة قاطع))، وهو من قطع رحمه ووالديه، قطع الله حبله من السماء، وقطع ذمته وعهده.



    ولذلك يقول صلي الله عليه وسلم : (( لم خلق الله الرحم تعلقت بالعرش وقالت: يارب هذا مقام العائذ بك من القطيعة.



    قال: ألا ترضين أن اصل من وصلك، واقطع من قطعك؟



    قالت : بلي يا رب.



    قال: فذلك لك، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته)).



    فأنزلها الله في الأرض.



    والغريب أن الجاهليين وهم يعبدون الوثن يفتخرون بصلة الرحم.



    يقول المقنع الكندي الجاهلي:



    وإن الذي بيني وبين بني أبي



    وبيت بني عمي لمختلف جــدا



    إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم



    وإن هتكوا مجدي بنيت لهم مجدا



    ولست بأحمل حقداً عليهم



    وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا



    عباد الله.. لقد كان أرق الناس وأحلم الناس الرسول صلي الله عليه وسلم ولذلك ذكر الله خلقه ومجد أنفاسه في القرآن فقال: )وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4)


    وقال : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك)(آل عمران: الآية159).



    وقد بلغ في صلة الرحم مبلغاً عظيماً ضرب به المثل على مدي التاريخ.



    فما سمعت الدنيا بأوصل منه صلي الله عليه وسلم .



    قام أقاربه وأبناء عمه فأخرجوه من مكة وطاردوه وشتموه وسبوه وآذوه ، وحاربوه في المعارك، ونازلو في الميدان، وقاموا عليه بحرب عسكرية وإعلامية واقتصادية.



    فلما انتصر ماذا فعل؟



    لقد دخل مكة منتصراً ، ووقف له الأعلام مكبرة، وطنت لذكر نصره الجبال، فوقف على حلق باب الكعبة صلي الله عليه وسلم وهو يقول للقرابة والعمومة : (( ما ترون أني فاعل بكم))؟.



    فقالوا ـ وهم يتباكون ـ : أخ كريم وابن أخ كريم.



    فيقول : (( اذهبوا فأنتم الطلقاء)).



    وكأنه يقول: عفا الله عنكم وسامحكم.



    ويأتي ابن عمه أبو سفيان بن الحارث فيسمع بالانتصار وهو قد آذى الرسول صلي الله عليه وسلم وسبه، فيأخذ أطفاله ويخرج من مكة، فيلقاه على بن أبي طالب فيقول: إلى أين تذهب؟



    قال : أذهب بأطفالي إلى الصحراء فأموت جوعاً وعرياً، والله إن ظفر بي محمد ليقطعني إرباً إرباً.



    فيقول على وهو يعرف الرسول صلي الله عليه وسلم : أخطأت يا أبا سفيان ، إن رسول الله صلي الله عليه وسلم أوصل الناس وابر الناس، فعد إليه وسلم عليه بالنبوة وقل له كما قال إخوة يوسف ليوسف: ) لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(يوسف: الآية92)



    فهل من مقتد بأفعاله وأخلاقه؟ فإنه هو الأسوة الحقة، وإن اتباعه نجاة من العار والدمار.



    تأتيه أخته صلي الله عليه وسلم وقد ابتعدت عنه ما يقارب أربعين سنة وهي لا تعرفه وهو لا يعرفها، فقد مرت سنوات، وأيام وأيام، وأعوام أعوام، فتأتي لتسلم على أخيها من الرضاعة وهو تحت سدرة، والناس بسيوفهم بين يديه وهو يوزع الغنائم، فتستأذن ، فيقول لها الصحابة: من أنت؟



    فتقول : أنا أخت الرسول صلي الله عليه وسلم من الرضاعة، أنا الشيماء بنت الحارث، أرضعتني أنا وإياه حليمة السعدية.



    فيخبرون الرسول صلي الله عليه وسلم فتترقرق الدموع في عينيه، ويقوم لها ليلقاها في الطريق ويعانقها عناق الأخ لأخته بعد طول المدة وبعد الوحشة والغربة، ويجلسها مكانه ويظللها من الشمس (1).



    تصوروا رسول البشرية ، ومعلم الإنسانية، ومزعزع كيان الوثنية، يظلل هذه العجوز من الشمس لرضعة واحدة؟



    فأين الذين قطعوا عماتهم وخالاتهم وبناتهم وأخواتهم، بل حتى الميراث الذي أحله الله لهن حرموه عليهن.



    وقد سمعنا من العجائز الطاعنات في السن من تقف الواحدة تبكي وتقول : ظلمني..أنصفني الله منه.



    فيسأل الرسول صلي الله عليه وسلم أخته عن أحوالهم ثم يقول لها: (( اختاري الحياة هنا أو تريدين أهلك؟)).



    فتقول : أريد أهلي (2).



    فيعطيها المال ليعلم الناس صلة الأرحام.



    عباد الله .. أوصيكم ونفسي بصلة الأرحام وببر الوالدين، ففيهما الخير الكثير والأجر العميم من الله سبحانه، وفيهما من تقريب القلوب لبعضها وإزالة الشحناء والغل فيما بينهما.



    فبروا آباءكم وأمهاتكم ، وصلوا أرحامكم لتدخلوا الجنة مولاكم.



    فقد قال صلي الله عليه وسلم كما سبق : (( لا يدخل الجنة قاطع))، أي قاطع رحم.



    والله أعلم، وصلي الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.





    شكوى الوالدين




    الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفه لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً.



    والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً على الله بإذنه وسراجاً منيراً.



    أما بعد..



    بينما الحجاج مشغولون بالطواف في الحرم، والشمس حارة والزحام كثيف ، والناس واقفون عند الكعبة المشرفة يسألون المولي جل جلاله..



    كان رجل من أهل اليمن يحمل لأمه على كتفيه، وقد تصبب عرقه واضطراب نفسه، وهو يطوف بها لأنها مقعدة، ويري أن من الواجب عليه أن يكافئها ، لأنه قد كان يوماً ت الأيام حملاً في بطنها ثم طفلاً في حضنها.



    سهرت لينام، وجاعت ليشبع، وظمئت ليروي، فظن أنه كافأها حقاً



    وكان ابن عمر الصحابي الجليل واقفاً عند المقام.



    فقال الرجل: السلام عليك يا ابن عمر، أنا الابن وهذه والدتي، أتري أني كافأتها؟



    قال ابن عمر : والذي نفسي بيده ولا بزفرة من زفراتها.



    فكل هذا التعب والإعياء والجهد لا يساوي زفرة واحدة زفرتها في ساعة الولادة.



    هذه صورة واحدة من صور المعاناة التي يقدمها الوالد وتقدمها الوالدة لهذا الإنسان.



    جلس الرسول صلي الله عليه وسلم بين أصحابه، وإذا بشيخ كبير يدلف عليهم يتكئ علي عصاه، وقد احدودب ظهره ورق عظم واشتعل رأسه شيباً.



    وقف علي رأس المعلم الجليل يشكو إليه من مظلمة من أبنه الذي عقه وتولي عنه في كبره.



    فقال : يا رسول الله ابني ظلمني، ربيته صغيراً ، فجعت ليشبع، وظمئ ليروي ، وتعبت ليرتاح.



    فلما اشتد ساعده تغمط حقي وأغلظ لي ولوي يدي.



    فقال صلي الله عليه وسلم : (( وهل قلت فيه شيئاً))؟



    قال: نعم يا رسول الله.



    قال: (( ماذا قلت))؟



    قال: قلت:



    غدوتك مولــوداً وعلتك يافعاً تعمل بما أجري عليك وتنهل



    إذا لليلة ضاقتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا شاكيــاً أتململ



    كأني أنا الملدوغ دونك بالذي لدغت به دوني فعيناي تهمل



    فلما بلغت السن والغاية التي إليها بدا ما فيك كنت أؤمل



    جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المفضــل



    فليتك إذ لم ترع حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعل



    فدمعت عيناه صلي الله عليه وسلم وقال: (( علي بالابن)).



    فذهب الصحابة فقادوا ابنه فإذا هو في جسم البغل!



    فأوقفه أمامه وأخذ بتلاليب ثوبه وقال: (( أنت ومالك لأبيك)) ، والمعني : أنت كمثل الرقيق لهذا الوالد يبيعك ويشتريك، فما أنت إلا من متاعه ودنياه.

    وهذه الصورة تتكرر كثيراً في عالم اليوم، مرات من أناس شبوا علي الطوق وقويت سواعدهم واشتدت كواهلم وكبرت جماجمهم، فعقوا ربهم أولاً فما عرفوا بيوته، وأعرضوا عن كتابه وع سنة رسوله صلي الله عليه وسلم .



    ثم عقوا الوالدين في وقت الضعف



    فلم نعد نرى إلا الشيوخ والعجائز وهم يبكون من ذلكم العقوق الأليم.



    وكم رأينا من طاعن في السن يدب على الأرض دبيباً يشكو ابنه.



    ونحن نرفع شكواه إلي الواحد الأحد الذي ينصف سبحانه، والذي لا تسقط عنده مظلمة.



    يروي لنا المعصوم صلي الله عليه وسلم قصة ثلاثة خرجوا إلي الصحراء من بني إسرائيل، فأظلم عليهم الليل البهيم، فصعدوا جبلاً ودخلوا غاراً ، فانطبقت عليهم الصخرة فسدت أبواب الغار، فلا اتصال ولا عشيرة ولا قبيلة ولا أهل.



    وهذه ساعة الاضطرار، )أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء)(النمل: الآية62).



    ولا يجيب المضطر إلا هو سبحانه، ولا يكشف المكروب إلا هو سبحانه، ولا يفرج عن المغموم إلا هو سبحانه.



    ولقد ذكرتك والظلام مخيم والأسد تزأر في ربا الصحراء



    في وحشة لو غبت عني ساعة لوجدتني شلوا من الأشلاء



    ضل الطريق فقمت أدعو في الدجي متضرعاً في حندس الظلماء



    فأتوا يدفعون الصخرة فما اندفعت، وليس عندهم لا طعام ولا كساء ولا شراب.



    بل هو الموت المحقق.



    فاتصلت حبالهم بحبال الله، والتجأوا إليه سبحانه.



    فقال قائل منهم: والله لا ينجيكم أحد إلا الله، فادعوه بصالح أعمالكم.



    فقام الأول فتذكر أعماله فما وجد أحسن ولا أطيب من بره بوالديه.



    فخاطب الله علام الغيوب الذي يعلم السر واخفي وقال: اللهم إنك تعلم أنه كان لي والدان شيخان كبيران وكنت لا أقدم عليهما أهلاً ولا ولداً، وقد غبت يوماً فأتيت وإذا هما نائمان فحلبت غبوقهما ـ أي لبنهما في الليل ـ فقمت بالإناء علي رأسهما حتى طلع الصباح والصبية يتضاغون ( أي يصيحون ) تحت قدمي أحداً عليهما.



    اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك فاكشف عنا ما نحن فيه.



    فانزاحت الصخرة قليلاً عن باب الغار غير أنهم لا يستطيعون الخروج.



    فقام الآخر .. إلى آخر الحديث المشهور.



    ويقول المعصوم صلي الله عليه وسلم : (( لا يدخل الجنة قاطع)).



    ويقول صلي الله عليه وسلم : (( لما خلق الله الرحم تعلقت بالعرش وقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة))، أي: أشكو إليك القطيعة في الدنيا فأنصفني من القاطع.



    (( قال الله لها : ألا ترضين أن اصل من وصلك، وأن أقطع من قطعك؟ قالت: بلي، قال: فذلك لك)).



    فالقاطع يقطعه الله: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (محمد22،23) .



    وقد قرن سبحانه حقه بحق الوالدين في القرآن كثيراً، فقال: )وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الاسراء:23/24).



    فكلمة (أف) علي صغر حروفها لا يجوز أن تقال للوالدين.



    فكيف بمن تنعم في القصور والفلل وأهان والديه؟



    وكيف بمن قدم زوجته على أمه؟



    وكيف بمن أغلظ في الخطاب وعصى في الجواب؟



    إنها صور تتكرر في مجتمعنا ونراها ونسمعها كثيراً.



    فليت أصحاب العقوق يتعظون بتلكم الآيات والأحاديث التي تحذرهم من هذا المسلك الأليم، الذي لا يستحقه الأبوان اللذان تعبا وشقيا وربيا.



    وليتهم يعتبرون بقصص الصالحين وببرهم بوالديهم.



    كان ابن سيرين يقدم لوالدته الطعام ولا يأكل من الإناء الذي تأكل منه خشية أن تسبق يده إلى لقمة تشتهيها.



    وكان الإمام أحمد على جلالته يخدم والدته في البيت حيث لم يكن لها إلا هو بعد الله معيناً.



    فكان يصنع طعامها ويكنس بيتها ويقوم بالأعمال عنها.



    وللعقوق صور كثيرة، منها عقوق الوالدين كما سب وهو اشهره.



    ولكن هناك عقوق من نوع آخر، وهو عقوق الأمة لبارئها كما نري، حيث انصرفت عن دينها وعن طاعة ربها وأصبحت تقلد الكافر البعيد في كل أحواله وسلوكياته، متوهمة أن التطور والحضارة يكونان في ذلك التقليد وتلك التبعية.



    وما علمت أن الحضارة والرقي هي في التميز بشخصيتها وتحقيق كتاب ربها وسنة نبيها صلي الله عليه وسلم على الواقع.



    اسأل الله أن يسدد هذه الأمة ويعيدها إلى مجدها من جديد لتكون خير أمة أخرجت للناس.



    والله أعلم، وصلي الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


    avatar
    ayoosh-f


    عدد المساهمات : 100
    تاريخ التسجيل : 04/09/2010

    ولاتقل لهما اف,,,, Empty رد: ولاتقل لهما اف,,,,

    مُساهمة من طرف ayoosh-f الإثنين سبتمبر 27, 2010 11:59 pm

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمته الله وبركاته

    جزاك الله خير
    ورفع من قدرك
    وحفظك من كل شر

    اللهم اميين
    avatar
    المشتاقه الى الجنان


    عدد المساهمات : 18
    تاريخ التسجيل : 24/09/2010

    ولاتقل لهما اف,,,, Empty رد: ولاتقل لهما اف,,,,

    مُساهمة من طرف المشتاقه الى الجنان الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 12:56 am

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    انا لا استطيع ان اقول الا جزاك الله خيرا
    وامدك الله باالصحه والعافيه على ردودك الاكثر من رائعه .
    avatar
    ayoosh-f


    عدد المساهمات : 100
    تاريخ التسجيل : 04/09/2010

    ولاتقل لهما اف,,,, Empty رد: ولاتقل لهما اف,,,,

    مُساهمة من طرف ayoosh-f الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 1:48 am

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمته الله وبركاته

    شكرا لكي ايتهاء الضوء المشرق

    ورعاك الله وحفظك من كل سوء

    اللهم اميين

    ودمتي بخييير

    الللهم اميين

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 11:14 am